الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

اسم الله الحسنى (الله)

الله
كلمة "إلاه" تعنى : معبود ، وهى اسم مشتق من الفعل (أله) بالفتح ، فكل ما اتخذه الناس معبوداً منذ القدم يصح أن يطلق عليه اسم (إلاه) فمن الناس من اتخذ الشمس إلهاً أى معبوداً ومنهم من اتخذ النار إلهاً ومنهم من اتخذ القمرإلهاً ومنهم من اتخذ البقر إلهاً.
وكلمة (إلاه) قد تطلق ويراد بها معناها فقط أى : (معبود) كما فى قوله تعالى {فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} (سورة الأعراف الآية 59}، وقوله تعالى {الذى له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحىِ ويميت} (سورة الأعراف الآية 158} ، وقوله تعالى {لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} (سورة التوبة الآية 31) فالحق سبحانه وتعالى يؤكد فى هذه الآيات أنه لا معبود إلا هو تبارك وتعالى.
وقد تطلق كلمة (إلاه) ويراد بها : الحق عز وجل ، كما فى قوله تعالى {اجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشئ عجاب} (سورة ص الآية 5) ، فكلمة (إلاه) فى هذه الآية تعنى : "معبوداً" وفى نفس الوقت يراد بها : الحق عز وجل.
فإذا انتقلنا إلى لفظ الجلالة (الله) هل هو لفظ مشتق من الفعل (أله) أم غير مشتق؟ قيل : إنه اسم مشتق من نفس الفعل (أله) وأنه هو نفسه الاسم المشتق (إلاه) ودخلت عليه الألف واللام وحذفت الهمزة للتخفيف ، وقيل : إنه غير مشتق وإنما أطلقه الله عز وجل للدلالة على ذاته العلية.
ولكننا نقول إن لفظ الجلالة (الله) سواء أكان مشتقاً أم غير مشتق فإنه علم على واجب الوجود أى : على الحق تبارك وتعالى بذاته وأسمائه وصفاته دون سواه من المعبودات الباطلة.

إن العلم إذا أطلق وأريد به مسمى معيناً ، فإنه أى العلم ينحل عن معناه الأصلى ويصبح علماً على مسماه ، كما إذا أطلقت على زنجية اسم قمر ، فالقمر بالنسبة لهذه الزنجية قد انحل عن معناه الأصلى وصار علماً عليها.
فلفظ الجلالة "الله" ورد فى القرآن الكريم حوالى ألفين وسبعمائة مرة لم يرد خلالها هذا اللفظ إلا للدلالة على ذات الحق جل وعلا ، ولم يستخدم للدلالة على أى معبود آخر من المعبودات الباطلة مثل : الشمس أو القمر أو النار أو البقر أو عيسى ابن مريم.
كما أن الله تبارك وتعالى لم يستخدم لفظ الجلالة كوصف من الأوصاف مثل سائر الأسماء وإنما استخدمه ليدل عليه بذاته وأسمائه الأخرى وصفاته دلالة علمية ، ثم ألحقه بالوصف أو الفعل الذى يريد كما تقول أنت "أحمد وقور مهذب".
يقول الحق جل وعلا : { والله محيط بالكافرين} (سورة البقرة الأية 19) ويقول جل وعلا : { والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم } (سورة البقرة الأية 105) ويقول عز وجل : { فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم } (سورة البقرة الآية 137) ، فلفظ الجلالة صار علماً على الذات الإلهية العلية علماً على الحق جل وعلا ليدل عليه بذاته وأسمائه وصفاته دلالة علمية ، ولا يستخدم للدلالة على غيره من المعبودات الباطلة وهو الاسم الأعظم الذى حوى جميع كمالات صفاته والذى ليس له فيه سمى أى شريك فى نفس الأسم.
والحق جل وعلا حين أنزل القرآن أنزله مقروناً باسم الله سبحانه وتعالى وهى أن تكون البداية باسم الله.
إن أول الكلمات التى نطق بها الوحى لمحمد صلى الله عليه وسلم كانت : {اقرأ باسم ربك الذى خلق} (سورة العلق الآية 1) وهكذا كانت بداية زول القرآن الكريم ليمارس مهمته فى الكون هى باسم الله ونحن الآن نقرأ القرآن بادئين نفس البداية ، ولكن هل نحن مطالبون أن نبدأ فقط تلاوة القرآن باسم الله؟ كلا إننا مطالبون أن نبدأ كل عمل باسم الله لأننا لابد أن نحترم عطاء الله فى كونه.
إنك حين تبدأ كل شئ بسم الله الرحمن الرحيم فإنك تجعل الله فى جانبك يعينك.
ومن رحمته تبارك وتعالى أنه علمنا أن نبدأ كل شئ باسمه تعالى لأن "الله" كما قلنا هو الأسم الجامع لكل صفات الكمال والفعل عادة يحتاج إلى صفات متعددة.
فأنت حين تبدأ عملاً تحتاج إلى قدرة الله وإلى قوته وإلى عونه وإلى رحمته ، فلو أن الله سبحانه وتعالى لم يخبرنا بالاسم الجامع لكل الصفات لكان علينا أن نحدد الصفات التى نحتاج إليها كأن نقول باسم الله القوى ، وباسم الله الرزاق ، وباسم الله المجيب ، وباسم الله القادر ، وباسم الله النافع إلى غير ذلك من الأسماء والصفات التى نريد أن نستعين بها ، ولكن الله تبارك وتعالى يجعلنا نقول : {بسم الله الرحمن الرحيم} الاسم الجامع لكل هذه الصفات. على أننا لابد أن نقف هنا عند الذين لا يبدأون أعمالهم باسم الله وإنما يريدون الجزاء المادى وحده.
إنسان غير مؤمن لا يبدأ عمله بسم الله ، وإنسان مؤمن يبدأ كل عمل وفى باله الله ، كلاهما يأخذ من الدنيا لأن الله رب للجميع له عطاء ربوبية لكل خلقه الذين استدعاهم للحياة ، ولكن الدنيا ليست هى الحياة الحقيقية للإنسان ، بل الحياة الحقيقية هى الآخرة ، الذى فى باله الدنيا وحدها يأخذ بقدر عطاء الربوبية ، بقدر عطاء الله فى الدنيا والآخرة ، والذى فى باله الله يأخذ بقده عطاء الله فى الدنيا والآخرة ، ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى : {الحمد لله الذى له ما فى السموات وما فى الأرض وله الحمد فى الآخرة وهو الحكيم الخبير} (سورة النبأ الآية 1} لأن المؤمن يحمد الله على نعمه فى الدنيا ثم يحمده عندما ينجيه من النار والعذاب ويدخله الجنة فى الآخرة ، فلله الحمد فى الدنيا والآخرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق